ملخص عقبة بن نافع

 ولد عقبة في بيت نافع بن عبد القيس ، سماه والده عقبة تيمنا بهذا الاسم الذي يطلق على عدد من فرسان قريش الأقوياء .
 ولد عقبة قبل هجرة النبي بعام واحد وقد هاجر النبي من مكة للمدينة ليتحاشى أذى المشركين و ليفتح صفحة جديدة من تاريخ الإسلام .
 وكانت أول كلمات طرقت سمع الطفل الصـغير ( الجهاد ، الغزو ،الفتح ) لأن والده كان من السابقين في الإسلام وكانت هذه الكلمات تتردد عــلى شفتيه .
 تدرب عقبة مع الشباب المسلم على حمل السلاح و أعانه في ذلك ابن خالته عمرو بن العــاص ، وكان يحكي لعقبة قصص البطولات التي يقوم بها المسلمون .
 وقد جعل عمرو بن العاص عقبة في مقدمــة الجيش وهو لم يبلغ العشرين وقد نجح في أول اختبار فتح مصر و في الاختبار الثاني فتــح الشام .

 كان عمرو واقفا على شاطيء البحر المتوسط في الإسكندرية يفكر في تأمين حـدود مصر من الجهة الغربية حتى لا يفكر الروم في غزو مصر من هذه الناحية
 وقد اختار عمرو عقبة لمهمة عظيمة تعتبر أول خطوة في فتح إفريقية ( تونس حاليا ) و هي أن يذهب في سرية إلى برقة ليستطلع أحوال أهلها .
 وفي الفجر انطلق عقبة و معه عدد من المجاهدين إلى برقة و نزلوا ضيوفا على بعض القبائل البربرية .
 عرف عقبة من خلال جولاته بين أهالي برقة أن استياءهم من الحكم البيزنطي يرجع إلى كثرة الضرائب المفروضة عليهم .و أنهم يقومون بتحصيل هذه الضرائب بالقوة حتى و لو باع البربر أولادهم .
قلة الأجور التي يحصلون عليها فالروم يستأجرون البربر للعمل لديهم و يعطونهم أجر قليل .
أن البربر لا يشعرون بالأمان لعدم وجود قوانين تحميهم
نشوب معارك كثيرة بين الفريقين .

 كتب عقبة إلى عمرو بهذه المعلومات وأوضح له أن البربر يكرهون الحكم البيزنطي للأسباب السابقة وقال له أن من العوامل التي تجعلنا نعجل بفتح هذه البلاد :
أن البربر يتميزون بالخلق الطيب .
أنهم ينظرون للإسلام على أنه منقذهم
أن زعماء البربر عاهدوا عقبة على الدخول في الإسلام .
 وما كاد يصل الخطاب لعمرو حتى جهز جيشا و انطلق إلى برقة ورحب به أهلها و فرض عمرو جزية سنوية على غير المسلمين قدرها 13 ألف دينار .
 كان البربر يرون في قدوم عمرو أنه المنقذ لهم من الظلم و الاستعباد .
 لم يكن هدف عمرو الاستيلاء على برقه و إنما كان هدفه الوصول إلى إفريقية وكانت هذه مهمة صعبة لأن الجيش سيمر
بأراضي كثيرة يعيش فيها البربر و الروم وهم معروفون بالشجاعة وعدم الاستسلام ، و لكن
عمرو لم يكن خائفا لطول خبرته بالمعارك وكثرة معاركه .
زحف عمرو على طرابلس و حاصرها شهرا بالجيش لكنه لم يستطع فتحها بسبب
أسوارها العالية وحصونها
 ولكن الماء انحسر عن الشاطىء في أيام الجزر ودخل الجيش الإسلامي من جهة البحر وهزم أهلها الذين أسرعوا بالفرار في السفن
 و بنى المسلمون مسجد عمرو ( أحمد القره مانلي الآن ) .

 أمر عمرو عقبة بقيادة سرية لفتح فزان ( أول عمل قيادي لعقبة ) وانطلق عقبة بالجيش وعندما اقترب من فزان ألقى في الجنود كلمة تشرق بالإيمان ، وحثهم على قتال الأعداء فمن أسلم نجا ومن ظل على الكفر يدفع الجزية ليأمن على أهله وماله ويمارس طقوسه الدينية بحرية
 كانت القبائل في فزان مختلفة مع بعضها ( بعضهم يرى التسليم للمسلمين لتخلص من الروم و حبا في الإسلام / و بعضهم يرى مقاومة المسلمين حتى لا يجرح كبرياءهم بالاستسلام ) و لم تستسلم القبائل .
 انتصر عليهم عقبة و فرض عليهم ضريبة الدفاع 300 بعير .
 فرح عمرو بانتصار عقبة فرحا شديدا لأنه كان يخشى أن يفشل عقبة فيستغل خصومه ذلك و يقولون أن عمرو أرسل عقبة لقرابته له لا لكفاءته .
وفتح بسر بن أرطأة ( ودان )
و أرسل عمرو جيشا لفتح صبراتة ، وجيشا لفتح شروس بجبل نفوسة .
 أرسل عمرو رسالة إلى الخليفة عمر بن الخطاب يستأذنه لفتح إفريقية و يطلب مددا من الجيوش المدربة ،
 لكن بن الخطاب كان يرى الانتظار بضع سنوات حتى يزيد عدد الجيش الإسلامي

 عاد عمرو إلى مصر بعد رفض الخليفة ، و أمر عقبة بأن يظل في برقة ليعلم المسلمين أمور دينهم و ينشر الإسلام
 أقام عقبة في برقة 4 سنوات من 23 : 27
 نشر خلالها الإسلام و علم أهلها اللغة العربية فأحبه البربر و لم يرتد أحدا منهم عن دين الله .
 أما أهل طرابلس فلم يكد يعود عمرو حتى ارتدوا عن الإسلام و رفضوا دفع الجزية
 وفي هذا الوقت قتل بن الخطاب و تولى عثمان بن عفان الخلافة فعزل عمرو عن ولاية مصر و عين مكانه ( عبد الله بن سعد ) الذي حاول أن يثبت جدارته فطلب أن يواصل الفتوحات فاستشار عثمان الصحابة فشجعوه على مواصلة الفتوحات فأذن لعبد الله بن سعد .

 نادى عثمان بالجهاد فتجمع لديه 10 آلاف مقاتل و سمي الجيش بجيش العبادلة لأنه كان يضم عددا كبيرا ممن يبدأ اسمهم بعبد الله
 و قرر الخليفة أن لعبد الله بن سعد خمس الخمس من الغنائم ، و أمد عثمان الجيش بألف بعير لتحمل الضعفاء .
 وصل الجيش لمصر وانضم إليه جيش عبد الله بن سعد فوصل عدد الجيش إلى 70 ألف مقاتل واستقبل عقبة الجيش في برقة و معه بعض زعماء البربر
 أخبر عقبة عبد الله بأن هذه المعركة ستكون مع الملك جرجير و هو ملك طاغية يمتد نفوذه من طنجة إلى طرابلس وتدين له القبائل البربرية بالطاعة لأنه خلصهم من
الروم .
 نصح عقبة عبد الله بأن يؤجل غزو طرابلس و أن تقتصر الغزوة على سبيطلة مقر الطاغية جرجير . و تحرك الجيش يسبقه الأدلاء من البربر

 جمع جرجير رجاله و ضباطه وطلب منهم أن يجعلوا نهاية العرب على أيديهم و أعلن أن من يقتل قائد المسلمين يتزوج ابنته و يأخذ ألف دينار فتحمس الجنود و الضباط
 سمع عبد الله بهذه المكافأة فسخر و أعلن أن من يقتل جرجير له نفس المكافأة وكان المسلمون يرون أن قتل جرجير و أسر ابنته يعنى انتصارهم
 لم تسفر المعارك عن نتيجة حاسمة ، فأرسل عثمان مددا بقيادة عبد الله بن الزبير فاجتمع بن الزبير و بن سعد واقترح بن الزبير حيلة لتغلب على جرجير لأن جيشه كبير جدا
 هي أن يجهز بن سعد مجموعة من الفرسان بعيدا عن موقع المعارك حتى إذا انتهت المعركة عند الظهر و أراد البربر العودة لمواقعهم تنقض عليهم هذه المجموعة فتهزمهم .
 ووافق بن سعد و نجحت الخطة ودخل المسلمون سبيطلة و قتل جرجير و أسرت ابنته التي لم تطق الأسر فألقت نفسها من فوق الجمل و ماتت .
 سارع زعماء البربر يطلبون ودفع جزية مقدارها 300 قنطار من الذهب .
 كانت المغانم كثيرة فطلب بن سعد من الخليفة سفن لنقل المغانم .
 وكان نصيب الراجل من الغنائم ألف دينار و نصيب الفارس 3 آلاف دينار .
 عاد عقبة إلى مصر 28 هـ بعد أن ظل مع الجيش 6 سنوات يجاهد في سبيل الله
 من 28 هـ : 40 هـ نشبت الفتنة في الدولة الإسلامية فقتل عثمان وتولى على بن أبي طالب ثم قتل و سكن لهيب الفتنة بتولي معاوية بن أبي سفيان 40هـ وقضى عقبة هذه السنوات بعيدا عن الفتنة في العبادة و التفقه في دين الله
 قام معاوية بإعادة عمرو بن العاص واليا على مصر وعلى الرغم من كبر عمره إلا أنه مازال يحب الجهاد .

 استدعى عمرو عقبة ليواصل الفتوحات لأنه أصبح ماهرا في الحرب ، خبيرا بشئون البربر .
 طلب عمرو من عقبة أن يتولى قيادة الجيش المتجه إلى برقة .
 فرح عقبة بذلك كثيرا فهو يحب الجهاد في سبيل الله لنشر الدعوة الإسلامية و توسيع مساحة الدولة الإسلامية وإنقاذ البربر من الوثنية
 اتجه عقبة 41 هـ إلى لواتة فأعلنوا الطاعة  ثم برقة فوجد أهلها كما تركهم من 13 سنة وأقام عقبة في برقة لينشر الدين الإسلامي .
 توفي عمرو بن العاص 43هـ و شك عقبة في أن معاوية الخليفة سيرسل واليا آخرا من الذين ساعدوه ضد علي بن أبي طالب .
 و في سنة 45 هـ أرسل معاوية بن سفيان
معاوية بن حديج واليا على مصر ومعه 10
آلاف مقاتل .
 حاول معاوية بن حديج أن يواصل الفتوحات لكنه لم يحقق إلا نصرا ضئيلا .

 ظل عقبة واليا على برقة حتى 49 هـ أي ست سنوات وزاد تعلق البربر به لحسن معاملته لهم وبينما يقوم بمهمته كداعية جاء خطاب من الخليفة يخبره أنه اختاره لفتح إفريقية .
 نادى عقبة في البربر بالجهاد فلبى النداء كثير منهم .
 وصل الجيش الذي أرسله معاوية لبرقة فوجد جيشا من البربر في انتظاره وكانت المرة الأولى التي يتكون فيها جيشا من البربر و العرب
 اتجه عقبة إلى ودان وكانت قد ارتدت عن الإسلام فهزمهم عقبة و أسر ملكها .
وقف ملك ودان أمام عقبة منكس الرأس يتذكر أنه نقض العهد مع المسلمين ومنع إرسال الجزية وحارب المسلمين .
 فرض عليه عقبة أن يسدد ضريبة الدفاع التي كان بسر بن أرطأة فرضها عليه و هي 360 بعيرا ، فواقف و تعهد بعدم محاربة المسلمين
 ثم قرر الاتجاه لفزان وكانت تبعد عن ودان مسيرة 8 أيام .
 وعندما أقترب منها أرسل يدعوا أهلها إلى اعتناق الإسلام فوافقوا على ذلك .
 لكن عقبة أرسل جنوده لإحضار ملكها ماشيا لأنه كان رجلا مترفا وثنيا لا يؤمن بالأديان
وقد أمر بأن تحول خيول المسلمين بين الملك و موكبه ليتجرد من عظمته فتحسر الملك و كاد يسقط من شدة الجهد و الإعياء
وعندما وصل ملك فزان إلى خيمة عقبة أخذته
الدهشة لأنه وجد عقبة يجلس بين جنوده في
خيمته بتواضع .
 كان ملك فزان يظن أن عقبة سينزل به أشد
العقاب لمحاربته للمسلمين و عدم دفعه للجزية
 ولكن عقبة أخبره بأن المسلمين لا يعاقبون الأسرى ، وأخبره بأن سبب إحضاره بهذه الهيئة تأديبا لهو حتى لا يحارب العرب و يدفع الجزية 360 بعيرا .
انطلق عقبة يفتح القرى في هذا الإقليم
 وكان كلما فتح مدينة ترك فيها من يعلم أهلها اللغة العربية و الدين الإسلامي .

 لم يخلد عقبة للراحة ، و إنما بدأ الاستعداد لفتح إفريقية ، و كانت أول مدينة ستقابله هي مدينة خاوار ، وهي مدينة تقع على جبل مرتفع ومن الصعب أن يصل إليها الجيش دون أضرار .
 ومع ذلك اجتاز عقبة الطريق و حاصرها شهرا لكنه لم يستطع فتحها .
رجع عقبة بالجيش 3 أيام حتى ظن أهلها أنه قد ابتعد وفتحوا أبواب مدينتهم .
 وكان عقبة فكر في حيلة وهي أن يدخل المدينة من طريق آخر عرفه من الأدلاء فسار عقبة في هذا الطريق و أخضع القبائل التي قابلته
إلا أنه فوجيء بأن هذا الطريق يقع في مكان مقفر ليس فيه ماء و لذلك لا يعيش فيه أحد و لم يسلكه أحد من قبل .
وكان العدو الذي قابله عقبة في هذا الطريق هو العطش القاتل .
إعداد مدرس عزيز